کد مطلب:335761 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:233

رسالة الجاحظ التی أرشدنی إلیها الشیخ الهویدی فی تفضیل علی
الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ج 2 - ص 94.

قال: هذا كتاب من أعتزل الشك والظن، والدعوی والأهواء، وأخذ بالیقین والثقة من طاعة الله ورسوله صلی الله علیه وآله وبإجماع الأمة بعد نبیها علیه السلام مما یتضمنه الكتاب والسنة وترك القول بالآراء، فإنها تخطئ وتصیب، لأن الأمة أجمعت أن النبی صلی الله علیه وآله شاور أصحابه فی الأسری ببدر، واتفق علی قبول الفداء منهم فأنزل الله تعالی: (ما كان لنبی أن یكون له). فقد بان لك أن الرأی یخطئ ویصیب ولا یعطی الیقین، وإنما الحجة لله ورسوله وما أجمعت علیه الأمة من كتاب الله وسنة نبیها، ونحن لم ندرك النبی صلی الله علیه وآله ولا أحدا من أصحابه الذین اختلفت الأمة فی أحقهم، فنعلم أیهم أولی ونكون معهم كما قال تعالی: (وكونوا مع الصادقین) ونعلم أیهم علی الباطل فنجتنبهم؟



[ صفحه 49]



وكما قال تعالی: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شیئا). حتی أدركنا العلم فطلبنا معرفة الدین وأهله. وأهل الصدق والحق، فوجدنا الناس مختلفین یبرأ بعضهم من بعض، ویجمعهم فی حال اختلافهم فریقان: أحدهما، قالوا: إن النبی صلی الله علیه وآله مات ولم یستخلف أحدا، وجعل ذلك إلی المسلمین یختارونه، فاختاروا أبا بكر. والآخرون، قالوا: إن النبی صلی الله علیه وآله استخلف علیا، فجعله إماما للمسلمین بعده وادعی كل فریق منهم الحق. فلما رأینا ذلك وقفنا الفریقین لنبحث ونعلم المحق من المبطل؟ فسألناهم جمیعا: هل للناس؟؟ من وال یقیم أعیادهم، ویحیی زكاتهم، ویفرقها علی مستحقیها، ویقضی بینهم، ویأخذ لضعیفهم من قویهم ویقیم حدودهم؟ فقالوا: لا بد من ذلك. فقلنا: هل لأحد یختار أحدا فیولیه، بغیر نظر من كتاب الله وسنة نبیه؟ فقالوا: لا یجوز ذلك إلا بالنظر. فسألناهم جمیعا عن الإسلام الذی أمر الله به؟ فقالوا: إنه الشهادتان، والإقرار بما جاء من عند الله، والصلاة، والصوم، والحج - بشرط الاستطاعة - والعمل بالقرآن یحل حلاله ویحرم حرامه. فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم. ثم سألناهم جمیعا: هل لله خیرة من خلقه، اصطفاهم واختارهم؟



[ صفحه 50]



فقالوا: نعم. فقلنا: ما برهانكم؟ فقالوا: قوله تعالی: (وربك یخلق ما یشاء ویختار ما كان لهم الخیرة من أمرهم). فسألناهم: من الخیرة؟ فقالوا: هم المتقون. فقلنا: ما برهانكم؟ فقالوا: قوله تعالی: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). فقلنا: هل لله خیرة من المتقین؟ قالوا: نعم، المجاهدون بأموالهم بدلیل قوله تعالی: (فضل الله المجاهدین بأموالهم وأنفسهم علی القاعدین درجة). فقلنا: هل لله خیرة من المجاهدین؟ قالوا جمیعا: نعم - السابقون من المهاجرین إلی الجهاد بدلیل قوله تعالی: (لا یستوی منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل). فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم علیه، وعلمنا أن خیرة الله من خلقه المجاهدون السابقون إلی الجهاد. ثم قلنا: هل لله منهم خیرة؟ قالوا: نعم. قلنا: من هم؟ قالوا: أكثرهم عناء فی الجهاد. وطعنا وحربا وقتلا فی سبیل الله، بدلیل قوله تعالی: (من یعمل مثقال ذرة خیرا یره).



[ صفحه 51]



(وما تقدموا لأنفسكم من خیر تجدوه عند الله). فقبلنا منهم ذلك، وعلمنا وعرفنا: أن خیرة الخیرة أكثرهم فی الجهاد عناء، وأبذلهم لنفسه فی طاعة الله، وأقتلهم لعدوه. فسألناهم عن هذین الرجلین - علی بن أبی طالب وأبی بكر - أیهما كان أكثر عناء فی الحرب، وأحسن بلاء فی سبیل الله؟ فأجمع الفریقان علی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام أنه كان أكثر طعنا وحربا وأشد قتالا، وأذب عن دین الله ورسوله. فثبت بما ذكرنا من إجماع الفریقین، ودلالة الكتاب والسنة أن علیا أفضل. وسألناهم - ثانیا - عن خیرته من المتقین؟ فقالوا: هم الخاشعون، بدلیل قوله تعالی: (وأزلفت الجنة للمتقین غیر بعید، هذا ما توعدون لكل أواب حفیظ، من خشی الرحمن بالغیب وجاء بقلب منیب). وقال تعالی: (وأعدت للمتقین الذین یخشون ربهم). ثم سألناهم: من الخاشعون؟ فقالوا: هم العلماء، لقوله تعالی: (إنما یخشی الله من عباده العلماء). ثم سألناهم جمیعا: من أعلم الناس؟ قالوا أعلمهم بالقول، وأهداهم إلی الحق، وأحقهم أن یكون متبوعا ولا یكون تابعا بدلیل قوله تعالی: (یحكم به ذوا عدل منكم) فجعل الحكومة لأهل العدل. فقبلنا ذلك منهم، وسألناهم عن أعلم الناس بالعدل من هو؟ قالوا: أدلهم علیه. قلنا: فمن أدل الناس علیه؟



[ صفحه 52]



قالوا: أهداهم إلی الحق. وأحقهم أن یكون متبوعا ولا یكون تابعا بدلیل قوله تعالی: (أفمن یهدی إلی الحق أحق أن یتبع أم من لا یهدی إلا أن یهدی). فدل كتاب الله وسنة نبیه علیه السلام والإجماع: أن أفضل الأمة بعد نبیها أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام، لأنه إذا كان أكثرهم جهادا كان أتقاهم، وإذا كان أتقاهم كان أخشاهم. وإذا كان أخشاهم كان أعلمهم، وإذا كان أعلمهم كان أدل علی العدل، وإذا كان أدل علی العدل كان أهدی الأمة إلی الحق، وإذا كان أهدی كان أولی أن یكون متبوعا، وأن یكون حاكما لا تابعا ولا محكوما. وأجمعت الأمة - بعد نبیها صلی الله علیه وآله - أنه خلف كتاب الله تعالی ذكره وأمرهم بالرجوع إلیه إذا نابهم أمر، وإلی سنة نبیه صلی الله علیه وآله فیتدبرونهما ویستنبطوا منهما ما یزول به الاشتباه فإذا أقرأ قارؤكم: (وربك یخلق ما یشاء ویختار). فیقال له: أثبتها، ثم یقرأ (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفی قراءة ابن مسعود - إن خیركم عند الله أتقاكم - (وأزلفت الجنة للمتقین غیر بعید، هذا ما توعدون لكل أواب حفیظ، من خشی الرحمن بالغیب). فدلت هذه الآیة علی أن المتقین هم الخاشعون. ثم یقرأ فإذا بلغ قوله: (إنما یخشی الله من عباده العلماء). فیقال له: اقرأ حتی ننظر هل العلماء أفضل من غیرهم أم لا؟ فإذا بلغ قوله تعالی: (هل یستوی الذین یعلمون والذین لا یعلمون) علم أن العلماء أفضل من غیرهم. ثم یقال: اقرأ، فإذا بلغ إلی قوله: (یرفع الله الذین آمنوا منكم والذین أوتوا العلم درجات).



[ صفحه 53]



قیل: قد دلت هذه الآیة علی أن الله قد اختار العلماء وفضلهم ورفعهم درجات، وقد أجمعت الأمة علی أن العلماء من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله. الذین یؤخذ عنهم العلم كانوا أربعة: علی بن أبی طالب، وعبد الله بن العباس وابن مسعود، وزید بن ثابت. وقالت طائفة: عمر، فسألنا الأمة: من أولی الناس بالتقدیم إذا حضرت الصلاة؟ فقالوا: إن النبی صلی الله علیه وآله قال: یؤم القوم أقرؤهم. ثم أجمعوا علی أن الأربعة كانوا أقرأ من عمر فسقط عمر، ثم سألنا الأمة: أی هؤلاء الأربعة أقرأ لكتاب الله، وأفقه لدینه فاختلفوا، فأوقفناهم حتی نعلم. ثم سألناهم: أیهم أولی بالإمامة؟ فأجمعوا علی أن النبی صلی الله علیه وآله قال: إذا كان عالمان فقیهان من قریش فأكبرهما سنا وأقدمهما هجرة. فسقط عبد الله بن العباس. وبقی علی بن أبی طالب صلوات الله علیه، فیكون أحق بالإمامة لما أجمعت علیه الأمة ولدلالة الكتاب والسنة علیه. انتهی [1] وبعد أن أنهیت هذه الرسالة القیمة من القراءة أصبح لدی الیقین القاطع بأحقیة أهل البیت علیهم السلام وبخلافة الإمام علی علیه السلام بعد رسول الله صلی الله علیه وآله.



[ صفحه 54]



ولكن متابعة البحث ضروری للرد علی كل التساؤلات التی تثار.. فاتصلت تلفونیا بالشیخ الهویدی وحددنا موعدا بمقام السیدة زینب علیها السلام.. وجاء الموعد واقترب اللقاء.. وبعد أن جلسنا. وتحادثنا.. وتحاورنا.. قال لی: هل تعرف الحوزة العلمیة الزینبیة..؟ فقلت له: لا أعرفها.. فقال لی تخرج من المقام وتمشی مع الطریق الذی یذهب إلی دمشق.. مقابل قسم الأمن الجنائی تسأل عن شیخ اسمه (جلال المعاش) تقول له یسلم علیك الشیخ الهویدی.. وترشدنی إلی منزل الداعیة الشیعی السید علی البدری.. وأخذت منه العنوان وكتبه لی علی قصاصة من ورق.. وودعته وخرجت.


[1] ذكر هذه الرسالة أبو الحسن علي بن السعيد فخر الدين عيسي بن أبي الفتح الأربلي وقال: إنها نسخت عن مجموع للأمير أبي محمد الحسن بن عيسي المقتدر بالله. راجع (كشف الغمة ص 12 - 13).